صغير يشتهى كبرا وشيخ ود لو صغرا
وخال يبتغى عملا وذو عمل به ضجرا
ورب المال في تعب وفى تعب من افتقرا
والأفضل مما سبق قول النبي ( وارض بما قسم الله لك تكن اغني الناس )
وقلنا أن الرضا هو سكون القلب لاختيار الرب
أو ترك الاختيار
أو هو سرور القلب باختيار الرب
وقلنا كذلك أن أنواع الرضا ثلاثة
الأول / الرضا بما قسمه الله وأعطاه
الثاني / الرضا بما قدره الله وقضاه
الثالث / الرضا بالله عن كل ما سواه
والرضا بما قسمه الله وأعطاه قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم ( انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم ) متفق عليه
فإن فعلت قلت الحمد لله الذي انعم على وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا
- هناك من ليس له مسكن وأنت عندك
- ساقط في المعاصي وأنت تصلى بفضل الله
- هناك من فقد عضوا من أعضائه وأنت سليم بفضل الله
- هناك من فقد عقله وأنت عاقل ولله الحمد
- هناك من يعيش محروما من أطعمة كثيرة وأنت تأكل كل مايحلو لك
ثم تحدثنا عن الرضا بما قدره الله وقضاه - فإن ابتليت فانظر حولك سترى من هو مبتلى بأكثر واعلم أن الابتلاء يكون من الله إما لتكفير الذنوب أو لرفع الدرجات - وأنت إن رضيت فلك الرضا وإن سخطت فلك السخط
واليوم مع الرضا بالله عن كل ما سواه وهى أعلى درجة وهنا يقول النبي ( من أصبح منكم أمنا في سربه معافى في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا ) حسن وفى رواية فعلى الدنيا العفاء
وقال المصطفى (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ) مسلم
وقال صلى الله عليه وسلم ( من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وجبت له الجنة ) مسلم
وقال الصادق المصدوق ( من قال حين يسمع النداء وأنا اشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا غفر له ذنبه )
واليك ماجاء في الإسرائيليات ويقال للعظة ( يابن ادم خلقتك لعبادتي فلا تلعب وقسمت لك رزقك فلا تتعب فإذا رضيت بما قسمت لك أرحت نفسك وكنت عندي محمودا وإن لم ترضى بما قسمت لك فوعزتى وجلالي لأسلطن عليك الدنيا تركض فيها ركض الوحوش في البرية ولا تنال منها إلا ما قسمته لك وكنت عندي مذموما
يقول بن القيم الرضا بالله هو باب الله الأعظم ومستراح العابدين
من رضي بالله ربا لم يطلب غيره وأحس بحلاوة الطاعة ولا يجد مشقة في أداء الفرائض والتطوع والنوافل والذكر
احمد الله أن لك ربا غفورا شكورا يعطى على القليل الكثير
احمد الله أن جعل الوضوء يسقط الذنوب مع كل قطرة ماء
يبتليك ليختبرك فإذا صبرت ورضيت أعطا ك الجنة
وإذا كثرت ذنوبك أمرضك لا ليعذبك بل ليخفف عنك من ذنوبك
احمد الله فلا يحب لذاته إلا الله
من تخافه تهرب منه و ربك إذا خفت منه هربت إليه
إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله
وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله
وإذا انسوا بالدنيا فاجعل انسك بالله
رضاك بالله ربا يجعلك ترضى بكل ما قضاه وما قدره وترضى بما قسم لك ولا تتسخط
تعود عليها نطقا وذكرا وعملا واعتقادا
فإن كنت كذلك فقد من الله عليك وأراد سعادتك دنيا وآخرة
جلس ثلاثة فقال الأول أحب الحياة عبادة وطاعة لله وقال الثاني أحب الموت شوقا لله وقال الثالث أنا لا أختار مايختاره ربى لي أرضى به فتحاكموا إلى حكيم فقال الثالث أفضلكم
أن ترضى بالله ربا - تمر بمراحل يقطعها المؤمن سريعا هي وجود الرب – عظمة الرب وطلاقة قدرته – الإيمان به والرضا
قال إبراهيم للنمرود ( فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ) البقرة 258
واستدل الإمام مالك باختلاف اللغات والأصوات والنغمات
أبو حنيفة سأله بعض الزنادقة أين ربك يا أبا حنيفة فقال اتركوني فأنا مشغول بمسألة فقد قالوا لي أن هناك سفينة تسير وحدها بلا ربان ولا بحارة فتفرغ حمولتها وتحمل بضاعة أخرى ثم تسير فقالوا له لابد أنهم مجانين وهل هناك سفينة تسير وحدها بلا ربان فقال وهل هذا الكون ارض وسماء وبحار ألا يسيرها حكيم خبير فامن الكثير منهم
وقال الشافعي لما سئل عن وجود الخالق هذا ورق توت تأكله الدود فتخرج حريرا وتأكله النحل فتخرج العسل وتأكله الظباء فتخرج المسك وتأكله البعير فتخرج الروث
واحمد بن حنبل استدل بالبيضة فقال ها هنا حصن أملس ليس له باب ولا منفذ ظاهره كالفضة النقية باطنها كالذهب الإبريز فبينما هو كذلك إذ انصدع جداره فخرج حيوان سميع بصير
ويقول أبو العتاهية :
فياعجبا كيف يعصى الإله أم كيف يجحده الجاحد
ولله في كل تحريكه وفى كل تسكينه شاهد
وفى كل شئ له آية تدل على أنه واحد
وقال اعرابى سبحان الله إن البعر يدل على البعير وأثر الأقدام يدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ألا يدل على وجود اللطيف الخبير
بقى سؤال مهم - هل من المسلمين وصل إلى أعلى درجة في الرضا أي الرضا بالله عن كل ماسواه ؟
وأصعب منه هل رضي الله عن احد ولدينا دليل على ذلك ؟
الإجابة اخوتى فى الله واحدة عن السؤالين
يقول رب العزة ( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) الفتح
يبتغون الفضل والرضوان فبماذا فازوا بالاثنتين
قال تعالى ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ) الفتح 18
وقال تعالى ( رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه ) البينة
هم صفوة الخلق بعد الأنبياء والمرسلين – يقول بن مسعود رضي الله عنه - حبهم سنة – والدعاء لهم قربة – الإقتداء بهم وسيلة والأخذ بآثارهم فضيلة
إليك هذا المثال الواضح - قال النبي لأبى بكر إن بلالا يعذب في الله ففهم أبو بكر مراد النبي فسارع فاحضر مالا واشترى بلالا واعتقه فنزل قوله تعالى ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى ) الليل 19 – 20
يقول احمد بن حنبل إذا رأيت رجلا يذكر أصحاب رسول الله بسوء فاتهمه على الإسلام
ويقول بشر بن الحارث من شتم أصحاب رسول الله فهو كافر
وقال أبو زرعه إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصحاب رسول الله فأعلم انه زنديق
اخوتى في الله يجب أن نعلم أن المسألة عقيدة ولا تسامح في العقيدة فمن سب أبا بكر وعمر فهو كافر ومن اتهم أمنا عائشة بالفاحشة وأساء إليها فهو كافر - الرافضة يفعلون فهم كفرة -فتوى ألقى الله عز وجل بها - وهذا المسمى حسن نصر الله - سمعته بأذني يشتم طلحة والزبير وهما من العشرة المبشرين بالجنة وطال سبه أبا سفيان قائلا أنه مادخل الإسلام إلا ليفسده هو وولده معاوية وهذا قول لايصدر إلا من كافر - وأقول لبعض المخدوعين - ولبعض الذين يقدمون السياسة على العقيدة - انتبهوا هذا طريق ضلالة كفى تفريطا في أمور الدين أما آن الأوان أن تفيقوا وتقدموا العقيدة
رجل جرح ولده فجاءوا يعزونه فقال وما أدراكم أنها مصيبة وبعد وقت جاء رجال الجيش ففحصوا الشباب فتركوه فجاء الناس يهنئونه فقال وما أدراكم انه خير وبعد وقت هرب فرسه وبحثوا عنه فلم يجدوه فجاء الناس يعزونه فقال وما أدراكم أنها شر وبعد أيام عاد الحصان ومعه مجموعة أحصنة برية فجاء الناس يهنئونه فقال وما أدراكم أنها خير وبعد أيام دهست فرس ولده فكسرت ساقه فجاء الناس وقالوا له ماذا نقول لك لقد أتعبتنا فقال كل مايختاره الله لي فأنا راض به لا اختيار لي مع اختيار ربى
الخطبة الثانية
قلنا أن الرضا ثلاث درجات أو أنواع - الرضا بما قسمه الله وأعطاه - الرضا بما قدره الله وقضاه - والرضا بالله عن كل ما سواه
فإن رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا فعليك أن تدخل في الدين كله ( ادخلوا في السلم كافة ) ولا تجزئ الدين فتأخذ بعضه وتترك بعضه
وإن رضيت بمحمد نبيا ورسولا فلا ترفع أي راية ولا ترفع أي قول ولا ترفع أي مذهب ولا ترفع اى شيخ - فإذا قال الله فقل سمعنا واطعنا وإذا تحدث رسول الله فقل سمعنا واطعنا إياك أن تقول قال الشيخ فلان أو قال العالم فلان فإنه إن فعلت توشك أن تقع حجارة عليك وعلى من يتبع منهجك
ما العاقبة - ما احلي العاقبة وما أروعها
ساعة الموت يقول الله عن الذين رضوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ثم استقاموا على ذلك ولم يروغوا روغان الثعالب (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفى الآخرة ولكم فيها ماتشتهى أنفسكم ولكم فيها ما تدعون ) فصلت
ثم تخاطبك الملائكة ساعة الموت قائلة ( يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فاد خلى في عبادي وادخلي جنتي ) الفجر الشاهد راضية مرضية - رضيتى بالله عن كل ما سواه فارجعي إلى ربك الذي خلقك وهو راض عنكى فأي بشرى وأي سعادة بعد ذلك
فقط ارض بما قسمه الله وأعطاه - وارض بما قدره الله وقضاه - وارض بالله عن كل ما سواه تنل هذه السعادة في الدنيا فالرضا باب الله الأعظم ومستراح العابدين وساعة الموت تأتيك البشارة
سئل احد السلف هل هناك اكبر من نعيم الجنة قال نعم ( ورضوان من الله اكبر)
[center]الدعاء الدعاء