: كشرى... كشرى
فى أحد الأيام فى فى بلدة تتكلم بلغة الضاد ( ض ) أستيقظ الوزير و نادى على أحد مساعديه
.... صباح الخير يا سعادة الباشا
.... صباح النور
.... خير يا باشا
.... شفت فى منامى أنى آكل كشرى أيه تفسيرك
.... سعادتك تحلم و إحنا ننفذ
أثناء وجبة الغذاء قدم المساعد للباشا صينية , بداخلها طبق مغطى بداخله كشرى , و عندما تذوقه الباشا أقتضب وجهه ووضع الملعقة و قال:
.... ده مش طعم الكشرى إلى شفته ف منامى
.... لكن يا باشا الكشرى ده مكون من رز فلبينى و عدس من استراليا و المكرونة من إيطاليا و البصل من الصين و موضوع عليهم زيت دره هولندى و اللمون من السنغال و الشطة من كينيا , مافيش أصناف أجود من إلى قدام حضرتك فى الدنيا كلها .
.... لكنى أكلت فى منامى كشرى له مذاق أشهى
.... ممكن يا باشا تحكى لى الحلم بالكامل .
.... شفت أننى قاعد فى قهوه عربى و داخلها بياع كشرى بعربة متحركة و و قاعد قدامى بتاع ورنيش و ببتلميع جزمتى و كان فيه ناس كتير معانا .
.... طلبك عندى يا باشا., بكره إن شاء الله حتلاقى طلبك جاهز .
فى اليوم التالى دخل الرجل الى الباشا و أبلغه بأن كل شيء تمام و الجميع منتظر فى سرادق تم إنشاؤه فى الحديقة, توجها معاً الى السرادق , ما أن دخلوا و كأن الحلم تحول الى حقيقة فهناك صوت المذياع بأغانى أم كلثوم و الجلسة البلدى على الأرض ( عبارة عن بعض المساند المملوئة بالقطن) و القهوجى يمشى نشطاً بين الزبائن يلبى الطلبات و هناك عدد من الشباب يلعبون الطاولة ( النرد ) و ماسح الأحذية يلف بين الزبائن و يطرقع على علبة الورنيش بالممسحة و فى ركن عربة الكشرى و البخار يتصاعد من أعلاها و فى ركن آخر بائع الذرة المشوية , فجلس الأثنان على إحدى المساند فجاء القهوجى.
.... ايوا جاى ..الباشا يشرب حاجه .
.... أنا عايز آكل كشرى اولاً.
.... حالاً .
المساعد .... يا باشا خلى بالك أن الكشرى حسب طلبك بمعنى أنها كلها منتجات وطنيه .
الباشا ....... انت مش واخد بالك أنى وطنى و تربيت و ترعرعت من تراب الوطن .
بائع الكشرى .. أتفضل يا باشا بالهناء و الشفاء .
أخذ الباشا الوزير فى ألتهام الطبق الشهى جداً و أثناء ذلك أقترب منه ماسح الأحذية قائلاً
.... تلمع يا بيه
الباشا ... أيوه يابنى بس عايزها مرايا .
أخرج ماسح الأحذية مفرش صغير قطنى من الكرتونة التى يحملها و فرشه على الأرض و خلع حذاء الوزير ووضع قدمه حافية على المفرش , جلس ماسح الأحذية بالقرب منه أثناء قيامه بتلميع الحذاء .
الباشا أنتهى من وجبة الكشرى و صفق فجاء القهوجى فطلب منه شاى مغلى و نادى على بائع الكشرى ..
الباشا .... الله ينور لقد أكلت اشهى طبق كشرى لم آكله من حوالى 25 سنه الله ينور عليك, ممكن أسألك سؤآل .
بائع الكشرى .... تحت أمرك.
الباشا .... منين جبت مكونات الكشرى .
البائع ... مش لازم يا باشا.
الباشا .... قول ولا يهمك .
البائع .... ممكن أقولك بس تحلف أنك مش حتقول لصاحب القصر .
الباشا .... أحلف يا سيدى و ما تخافش .
البائع .... الرز من من مصر و المكرونة من السعودية و العدس من سوريا و البصل من اليمن و و حاطط عليهم زيت سمسم من لبنان و الليمون من فلسطين و الشطة من السودان , و بسبب الحالة الأقتصادية الهابطه جدا أشترى بقايا و ليس كميات عشان الناس الغلابه تاكل يا بيه دول مش لاقيين اللضى .
وهنا تدخل ماسح الأحذية ... مرايا و الله يا بيه .
الباشا .... الله ينور عليك ..... قولى يا أسطى أنت بتكسب كام فى اليوم .
ماسح الأحذية .... كتير يا بيه فضل من عند الله
الباشا .... كام يعنى
ماسح الأحذية .... يوم خمسه و يوم سته أو أقل شويه .
الباشا .... عندك أولاد ؟
ماسح الأحذية .... خمسه و أمهم و أمى .
الباشا .... و المبلغ ده يكفى
ماسح الأحذية .... الحمد لله
الباشا .... و بتاكل ايه انت و همه .
ماسح الأحذية .... من بقايا الناس الطيبين .
الباشا .... و كيف تكسيهم ؟
ماسح الأحذية .... أولاد الحلال كتير .
الباشا .... أنت سعيد
ماسح الأحذية .... الحمد لله
الباشا .... ايه رأيك فى الحكومه
ماسح الأحذية .... هو فيه حكومه ؟
الباشا .... طبعاً
ماسح الأحذية .... مش متأكد
الباشا .... ليه
ماسح الأحذية .... لو كان فيه حكومه ماكنش يبقى ده حالنا , كله غالى , كله صعب , ممنوع نتكلم على حالنا ولا حال إخواننا
الباشا .... ما تتكلم فيه حد حايشك
ماسح الأحذية .... صاحب القصر الى أحنا فيه و زبانيته الأفاقين
الباشا .... أنت تعرفه
ماسح الأحذية .... ولا أعرفه ولا يشرفنى أنى أعرفه
الباشا .... ليه ؟
ماسح الأحذية .... هو عايش حياته بعيد عنا , مايعرفش إحنا محتاجين أيه , لو فكر شويه ممكن يكون كويس .
الباشا .... ليك حق
فى المساء لم ينم الباشا الوزير و أستغرق فى التفكير فى كل كلمة سمعها من بائع الكشرى و ماسح الأحذيه ...
فى الصباح استدعى مساعده و أبلغه بالقرار الأتى :-
منع بيع الكشرى الوطنى لأنه يجعل المواطنين يفكرون و تصيبهم الخزعبلات و الهلوسه .